recent
أخبار ساخنة

أثر التوسع في النفقات العامة على البطالة في الجزائر 2001-2009

mohamed
الصفحة الرئيسية


أثر التوسع في النفقات العامة على البطالة في الجزائر 2001-2009
أ.بودخدخ كريم
أ.سلامنة محمد


الملخص:
          تعتبر الدولة من أهم الأعوان الإقتصاديين انطلاقا من كون نفقاتها العامة من المكونات الرئيسية للطلب الكلي والتي من شأنها التأثير على العرض الكلي في النشاط الإقتصادي، حيث يشير الفكر المالي الكينزي إلى أن النفقات العامة تلعب دورا رئيسيا في تحفيز النشاط الإقتصادي ومن ثم الحد من معدلات البطالة انطلاقا من آلية مضاعف الإنفاق العام.
          وفي هذا الصدد فقد اتبعت الجزائر منذ بداية الألفية الثالثة سياسة ترتكز بالأساس على التوسع في النفقات العامة،حيث ساهمت إلى حد ما في خفض معدلات البطالة إلى مستويات بعيدة عن ما كان سائدا من قبل،لكن ونظرا لعدم مرونة وكفاءة الجهاز الإنتاجي المحلي في الإقتصاد الجزائري، فإن نسبة كبيرة من الزيادة في الطلب الكلي الناتجة عن زيادة النفقات العامة خلال الفترة 2001-2009 تم تلبيتها عن طريق الواردات التي تضاعفت بـ300%  بين سنتي 2001 و 2009، مما أدى إلى الحد من فعالية سياسة التوسع في الإنفاق العام في تحقيق معدلات بطالة جد منخفضة قياسا بالمبالغ المالية التي تم صرفها.
الكلمات المفتاحية: النفقات العامة، المضاعف، البطالة،الطلب الكلي.
Summary :
            The state looks as a very important agent in economic activity because of it’s puplic expenditure,which is a component of aggregate demand that can affect aggregate supply in economic activity, this is according to the fiscal keynesian theory which suggest that puplic expenditure through multiplier mechanism plays a main role in stimulating economic activity .
            Algeria from 2001 started to focus on an expansionary puplic expenditure policy,which shared in reducing unemployment rate under how it was before,but although the productive system is not flexible and efficient,a big part of increasing in aggregate demand  between 2001 and 2009 was fulfilled by imports, which were raised by 300% ,and led to a less efficiency of the expansionary puplic expenditure policy.  
Key words: public expenditure, unemployment, aggregate demand.
مقدمة:
          تعتبر سياسة النفقات العامة من أهم أدوات السياسة المالية المتبعة بالخصوص في الدول النامية، والتي يستهدف من خلالها تدعيم حركية النشاط الإقتصادي من خلال تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة وتزايد في حجم العمالة، وفي ذلك سير على منهج التحليل المالي للفكر الكينزي الذي يعتبر أهم من أشار إلى فعالية السياسة المالية وبالخصوص من خلال النفقات العامة في دعم الإنتعاش الإقتصادي، نظرا للدور الهام الذي وجب أن تضطلع به الدولة في النشاط الإقتصادي باعتبارها عونا رئيسيا من الأعوان الإقتصاديين.
ويؤكد الفكر المالي الكينزي على أن النفقات العامة تعتبر إحدى أهم عناصر الطلب الكلي التي من شأنها التأثير على حجم الناتج ومن ثم حجم الدخول والعمالة انطلاقا من قانون"الطلب يخلق العرض"،حيث أنه يشير إلى أنه و في ظل وجود جهاز انتاجي مرن، فإن الزيادة في الطلب الكلي التي من شأنها أن تتوفر في ظل التوسع في النفقات العامة تعمل على تنشيط الجهاز الإنتاجي الذي يستجيب لتلك الزيادة في الطلب الكلي بما ينعكس إيجابا على معدلات النمو الإقتصادي وحجم العمالة.
وفي هذا الصدد فقد شرعت الجزائر ومنذ سنة 2001 ونتيجة للإنفراج المالي الذي تحقق بفعل ارتفاع أسعار النفط بداية الألفية الثالثة في اتباع سياسة مالية ترتكز بالأساس على التوسع في النفقات العامة، تجسدت بالخصوص في كل من مخطط الإنعاش الإقتصادي للفترة 2001-2004 والبرنامج التكميلي لدعم النمو للفترة 2005-2009،حيث جاءت هذه السياسة بعد فترة صعبة عانت خلالها الجزائر على جميع الأصعدة وبالخصوص في الجانبين الإقتصادي والإجتماعي،ومن ثم فقد كان الهدف الرئيسي من هذه البرامج زيادة على تحسين معدلات النمو الإقتصادي الحد من معدلات البطالة التي بلغت في المتوسط خلال الفترة 1995-2000 ما يقارب 28% وهي نسبة جد مرتفعة كان لها الأثر البالغ على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي.





 وعليه فإنه ولدراسة هذا الموضوع فقد تمحورت إشكالية الدراسة كما يلي:
كيف أثرت برامج الإنفاق العام في الجزائر للفترة 2001-2009 على معدلات البطالة؟
ولمعاجة هذا التساؤل الرئيسي فقد ضمت هذه الدراسة زيادة على مقدمة وخاتمة المحاور التالية:
1-  النفقات العامة كأداة من أدوات السياسة المالية؛
2-  البطالة ووسائل علاجها في الفكر المالي الكينزي؛
3-  برامج الإنفاق العام في الجزائر وأثرها على معدلات البطالة 2001-2009.
1-             النفقات العامة كأداة من أدوات السياسة المالية
          تعتبر النفقات العامة إحدى أهم أدوات السياسة المالية والتي تعبر عن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وتفاعلها فيه إلى جانب القطاع الخاص، حيث شهدت عديد التطورات التي مست طبيعتها وأشكالها بشكل زاد من أهميتها في السياسات الاقتصادية للدول سواء النامية منها أو المتقدمة.
1-1-              تطور النفقات العامة في الفكر الاقتصادي
جاء تطور النفقات العامة كنتيجة لتطورات الفكر الاقتصادي ونظرته لمدى جدوى تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية ومن ثم لمدى أهميتها في التأثير على آلية سير النشاط الاقتصادي، وفي هذا الصدد فإن تطور النفقات العامة تركز في نظرتين رئيسيتين كان لهما التأثير الأبرز فيما يخص طبيعتها وهيكلتها.
فبالنسبة للفكر الكلاسيكي بقيادة "آدم سميث" فإن آلية السوق تتميز بتلقائية التوازن عن طريق ما سمي بـ"اليد الخفية" دون الحاجة لتدخل الدولة لتصحيح الاختلال في النشاط الاقتصادي، إذ ينطلق من مبدأ "الإيديولوجية الفردية" كأساس لقيام النشاط الاقتصادي 1، والذي يشير إلى سعي الأفراد لتعظيم مصالحهم الخاصة انطلاقا من تمتعهم بالحرية الاقتصادية مع اقتصار دور الدولة فقط على تهيئة الظروف المناسبة لأنشطتهم، وذلك بتوفير الأمن حماية الحدود وتحقيق العدالة مع القيام ببعض المشاريع المساعدة، ومن ثم فإنه حسب "آدم سميث" فإن النفقات العامة للدولة تتركز  في: نفقات الأمن،نفقات العدالة،ونفقات بعض المشاريع العامة المساعدة لتطوير نشاط القطاع الخاص كتهيئة الموانئ والطرق ومؤسسات تعليم وتدريب الشباب 2.
ونتيجة لأزمة الكساد الكبير لسنة 1929 وعجز الفكر الكلاسيكي عن إيجاد مخرج لها وثبوت عدم صحة فرضية التوازن التلقائي للسوق عن طريق اليد الخفية التي جاء بها "سميث"، ظهر الفكر المالي الكينزي الذي أوضح كيف أن آلية السوق تتميز بالعديد من الإخفاقات في تسير النشاط الاقتصادي، والمتمثلة خصوصا في عدم التخصيص الأمثل للموارد، اللاعدالة في توزيع الدخول والآثار الخارجية السلبية، وبالتالي فإن تدخل الدولة عن طريق نفقاتها العامة يعتبر أمرا ضروريا لتصحيح تلك الإخفاقات  ومن ثم تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي 3.
          ونتيجة لذلك فقد شهدت الفترة اللاحقة لأزمة الكساد الكبير تطورا كبيرا في حجم النفقات العامة نظرا لما أبرزه الفكر الكينزي من دور رئيسي لها في التأثير على حجم الإنتاج،مستوى الدخول ومعدلات البطالة، باعتبارها تمثل عنصرا رئيسيا من عناصر الطلب الكلي الذي يعتبر المحدد الرئيسي للعرض في النشاط الاقتصادي انطلاقا من قانون 'الطلب يخلق العرض" الذي جاء به كينز نافيا بذلك قانون ساي للمنافذ الذي ارتكز عليه الفكر الكلاسيكي في توضيح آلية سير النشاط الاقتصادي.
1-2- الإطار النظري للنفقات العامة
          لم يختلف الاقتصاديون في إعطاء مفهوم شامل للنفقات العامة بقدر ما اختلفوا حول مدى أهميتها وتأثيرها على النشاط الاقتصادي، حيث تعرف بأنها 4:"كافة المبالغ النقدية التي يقوم بإنفاقها شخص عام لتلبية حاجة عامة".
          وتبعا لما جاء به "موسجراف" فإن النفقة العامة تبرر من خلال ثلاثة عوامل وهي5:
      أ_ تدعيم تخصيص الموارد: يقصد بتخصيص الموارد في الاقتصاد بعملية توزيع الموارد الاقتصادية المختلفة على الحاجات المتعددة وهذا يمثل أصل المشكلة الاقتصادية والذي تتحدد على إثره مدى كفاءة السياسة الاقتصادية المطبقة.
حيث أن آلية السوق وبحكم انطلاقها من مبدأ "الإيديولوجية الفردية" التي تهدف إلى تعظيم المصلحة الخاصة فإن عملية تخصيصها للموارد تتميز بنوع من عدم الكفاءة،إذ أن ارتفاع حجم الأرباح في المواد الاستهلاكية مثلا قد يدفعها إلى التركيز على إنتاجها ومن ثم الحد من عرض المواد الإنتاجية بشكل ينعكس سلبا على العملية الإنتاجية مستقبلا،ومن ثم فإن تدخل الدولة عن طريق نفقاتها العامة سواء عن طريق قطاعها العام أو في شكل إعانات مثلا من شأنه دعم توفير  المواد الإنتاجية مما يساعد على استمرار ديناميكية العملية الإنتاجية.
ب_ إعادة توزيع الدخول: حيث أن الدولة من خلال نفقاتها العامة في شكل منح ومساهمات اجتماعية  تساعد على الحد والتقليل من التفاوت في الدخول بين مختلف فئات المجتمع بشكل يحد من التفاوت الاجتماعي و اللاعدالة الاجتماعية،كما أنها تساهم في تدعيم القدرة الشرائية وما ينعكس عنها من ايجابيات على النشاط الاقتصادي المحلي.
جـ_ تدعيم الإستقرار الاقتصادي: ويقصد بالاستقرار الاقتصادي الوصول لأكبر استخدام أمثل للموارد مع ثبات المستوى العام للأسعار، حيث أن الدولة من خلال نفقاتها العامة تساعد على تجنب الآثار السلبية لعديد الإختلالات في النشاط الاقتصادي على كل من معدلات البطالة والتضخم ومن ثم المحافظة عليها عند مستوياتها الطبيعية.
ويبرز أهم تقسيم للنفقات العامة على النحو التالي6:
النفقات الجارية: وتسمى أيضا بالنفقات التسييرية وهي التي تتكرر بصورة منتظمة وتخص تسيير شؤون الدولة وإشباع الحاجات العامة كالإنفاق في شكل أجور ورواتب والإنفاق في شكل مدفوعات للفوائد والإعانات،حيث تتسم بمرونة أقل وعدم استجابة كبيرة لتغيرات المقدرة المالية للدولة.
النفقات الاستثمارية: وهي النفقات المتعلقة بتكوين وتحصيل رأس المال يكون الهدف منها هو توسيع الطاقة الإنتاجية لتحقيق النمو الاقتصادي، حيث تتصف بالمرونة والاستجابة تبعا لتغيرات القدرة المالية للدولة.
ويحكم عملية تنفيذ وتسيير النفقات العامة العديد من الضوابط التي من شأنها إضفاء الكفاءة والفعالية عليها، وهي عبارة عن حملة من القواعد التي يتم الإستناد إليها في إقرار النفقات العامة، والتي تحدد النوع والحجم الأمثل منها بشكل يدعم من مشروعيتها اقتصاديا واجتماعيا 7، والتي تتمثل بشكل رئيسي في 8:
ضابط المنفعة: ويقصد به أن تستهدف النفقات العامة تحقيق أكبر منفعة ممكنة لأفراد المجتمع، وهذا يعتبر من بين الأمور المنطقية التي على أساسها يكون للنفقات العامة المشروعية والقبول والذي يتفق عليه الإقتصاديون قديما وحديثا، ويبرز الإختلاف في هذا الصدد فيما يتعلق بقياس المنفعة المترتبة عن النفقات العامة بين القياس على أساس ما يترتب عليها من نتائج اقتصادية واجتماعية أو المقارنة بين ما ينتج عنها وبين ما ينتج عنها لو كانت من قبل القطاع الخاص.
ضابط العقلانية والرشادة الإقتصادية: ويعتبر من بين أهم الضوابط التي وجب أن تحكم تنفيذ وتسيير النفقات العامة، والذي يشير إلى ضرورة حسن تسيير الأموال العمومية و العمل على استخدامها بكفاءة وتجنب أي إنفاق لها في غير محله.
ضابط المرونة:  ويعتبر من الضوابط التي زادت أهميتها فيما يخص تسيير النفقات العامة خصوصا بعد تزايد بروز ظاهرة الدورات التجارية في النشاط الإقتصادي،بحيث أنها تشير إلى استجابة النفقات العامة للتغيرات في النشاط الإقتصادي سواء من ناحية حجمها أو من ناحية أنواعها بما يضمن القدرة على تحقيق الأهداف المرجوة منها في ظل الظروف المحيطة.
ضابط الإنتاجية: ويقصد به مساهمة النفقات العامة في تشجيع تطور النشاطات الإقتصادية خصوصا الإنتاجية منها،وتبرز أهمية هذا الضابط خصوصا في الدول النامية التي تعاني من ضعف في جهازها الإنتاجي بشكل يتطلب تدخلا من الدولة عن طريق نفقاتها العامة لدعم الجهاز الإنتاجي ومن ثم النشاط الإقتصادي.
ضابط العدالة: ويقصد منها العدالة في توزيع النفقات العامة من جهة بما يتناسب وعبء كل فرد في تحملها، ومن جهة بضمان أولوية الفئات الأقل دخلا في الإستفادة منها بما يساهم في تدعيم دخولها الحقيقية وقدرتها الشرائية ومن ثم توفير حافز إضافي للنشاط الإقتصادي.
2- البطالة في الفكر المالي الكينزي
 تحتل ظاهرة البطالة ثقلا كبيرا في الفكر الإقتصادي عموما والفكر المالي الكينزي على وجه الخصوص، والذي أعطى لها بعدا واسعا سمح بإبراز الفهم الحقيقي ولو بشكل نسبي لكيفية حدوثها ومن ثم لتأثيرها في النشاط الإقتصادي.
2-1- نظرة الفكر المالي الكينزي للبطالة كظاهرة اقتصادية
لقد كان الفكر الكلاسيكي يرى في ظاهرة البطالة على أنها ظاهرة تتشكل عن طريق الفعل الإرادي لأفراد المجتمع وأنه لا توجد بطالة لاإرادية، وذلك انطلاقا من افتراضهم لمرونة كل من الأجور والأسعار وعدم تميز عنصر العمل بما يسمى بـ"الوهم النقدي"، ومن ثم فإنه وحسب ما يفترضونه فإن أي بطالة توجد في الإقتصاد هي بطالة إرادية ناتجة عن رفض عنصر العمل للمستوى السائد من الأجر الحقيقي ، لكن بروز أزمة الكساد الكبير لسنة 1929 وما نتج عنها من تزايد كبير في معدلات البطالة وعجز الفكر الكلاسيكي عن احتواء آثارها وإيجاد حلول لها سمح ببروز تيار فكري آخر قام بدحض ما جاء به الفكر الكلاسيكي من افتراضات خصوصا ما تعلق منها بالتوازن التلقائي للسوق ومرونة الأجور والأسعار، مؤكدا على أنه وبفعل الضغوط النقابية وتميز عنصر العمل ب"الوهم النقدي" فإن الأجور جامدة نحو الأسفل ومن ثم فإن الأجر الحقيقي سيكون بلا شك فوق مستواه التوازني مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على العمل وبالتالي التسبب في بطالة تسمى بـ"البطالة الإرادية" ، والتي يتطلب للحد منها تدخل الدولة عن طريق نفقاتها العامة قصد زيادة الطلب الكلي بشكل يسمح بارتفاع الأسعار وتنشيط الجهاز الإنتاجي ومن ثم عودة الأجر الحقيقي إلى مستواه التوازني مما يؤدي لزيادة الطلب على عنصر العمل وانخفاض معدلات البطالة 9.
2-2- مضاعف الإنفاق العام
يعتبر الفكر المالي الكينزي النفقات العامة كأحد أهم مكونات الطلب الكلي إضافة للطلب الإستهلاكي والإستثماري وطلب القطاع الخارجي، ومن ثم فإنه وانطلاقا من قانون "الطلب يخلق العرض" فإن أي زيادة فيها  سوف تؤدي إلى تنشيط الجهاز الإنتاجي ومن ثم زيادة حجم العمالة انطلاقا مما يسمى بـ"آلية مضاعف الإنفاق العام"، حيث أنه كلما زادت قيمة المضاعف كلما دل ذلك على ارتفاع أكبر في حجم الناتج والعمالة، وعلى هذا الأساس فإن للنفقات العامة دورا كبيرا في الحد من معدلات البطالة بشرط أن يكون هنالك في المقابل مرونة وكفاءة في الجهاز الإنتاجي تسمح بالإستجابة السريعة والفورية للزيادة في الطلب الكلي، إذ أن عدم مرونة الجهاز الإنتاجي وكفائته قد تؤدي إلى زيادة في الطلب على الواردات لتلبية تلك الزيادة في الطلب الكلي الناتجة عن ارتفاع في حجم النفقات العامة، مما يحد من الأثر الإيجابي للتوسع في النفقات العامة على حجم العمالة.
وترتكز آلية المضاعف بشكل عام على جميع أوجه الطلب الكلي، حيث يقصد بها العملية التي بموجبها يكون هنالك تغير في حجم الناتج بسبب التغير في أحد مكونات الطلب الكلي انطلاقا من تغيرات الإنفاق الإستهلاكي كمتغير وسيط في الربط بين التغير في الطلب الكلي والناتج، ومن ثم فإن قيمة المضاعف ترتبط بعدد من العوامل التي من شأنها التأثير على الطلب الإستهلاكي للأفراد 10.
وعلى هذا الأساس فإن مضاعف الإنفاق العام يشير إلى تلك الزيادة في حجم الناتج نتيجة الزيادة في حجم النفقات العامة، حيث أن الزيادة في حجم الناتج غالبا ما تتبع التزايد في معدلات البطالة إلا في الحالات التي تكون فيها تلك الزيادة في حجم الناتج ناتجة عن تزايد الإنتاجية وليس بسبب تزايد حجم العمالة، حيث أن زيادة النفقات العامة ينتج عنها دخول جديدة لفئة معينة من الأفراد، وبالتالي فإنه وعن طريق ميلها الحدي للإستهلاك تساهم في توليد دخول جديدة لفئة أخرى، وهكذا دواليك وعن طريق الميل الحدي للإستهلاك فإن الزيادة في النفقات العامة تساهم في تنشيط الجهاز الإنتاجي لتلبية تلك الزيادة في الطلب الكلي مما يساهم في زيادة حجم العمالة.
2-3- محددات مضاعف الإنفاق العام
     إن فعالية سياسة التوسع في النفقات العامة تتوقف على جملة من العوامل كما يلي11:
_ درجة تفتح الإقتصاد: حيث أنه كلما زادت درجة تفتح الإقتصاد كلما زادت نسبة الطلب الكلي التي يتم تلبيتها عن طريق الواردات التي تعتبر تسربا، وهو ما من شأنه أن يحد من قيمة المضاعف وبالتالي انخفاض الزيادة في حجم العمالة.
_ نظام سعر الصرف المتبع: يؤثر نظام  سعر الصرف المتبع بدرجة كبيرة على قيمة المضاعف ومن ثم في تأثير التوسع في النفقات العامة على معدلات البطالة، إذ أنه وفي ظل نظام سعر الصرف الثابت فإن قيمة مضاعف الإنفاق العام ترتفع مقارنة بنظام سعر الصرف المرن، وذلك يرجع بالأساس إلى أنه في ظل نظام سعر الصرف المرن فإن تغيرات قيمة العملة نحو الأعلى تحد من الطلب على الصادرات مما ينعكس سلبا على حجم الناتج والعمالة.
_ درجة تطور الأسواق المالية: إن ارتفاع درجة تطور الأسواق المالية يدفع إلى انخفاض الميل الحدي للإستهلاك، حيث أن الزيادة في النفقات العامة تدفع بالأفراد إلى استغلال الزيادة في الدخل في الإستثمار في الأسواق المالية بدل توجيهها نحو الإستهلاك، مما يحد من قيمة مضاعف الإنفاق العام.
3- برامج الإنفاق العام في الجزائر وأثرها على معدلات البطالة 2001-2009
اتخذت الجزائر منذ بداية الألفية الجديدة منحنى جديدا في سير السياسة الإقتصادية تجلى في التركيز على السياسة المالية في شكل توسع في النفقات العامة، وذلك يعني السير وفق المنهج الكينزي الذي يرتكز على أهمية دور الدولة من خلال نفقاتها العامة في دعم النشاط الإقتصادي، وقد كان للوفرة المالية الكبيرة التي حقتها الجزائر نتيجة ارتفاع أسعار النفط بداية الألفية الثالثة دورا هاما في اتباع هذه السياسة التي كان لها على غرار البعد الإقتصادي بعدا اجتماعيا كبيرا خصوصا وأن الفترة السابقة شهدت ترديا كبيرا في الوضع الإجتماعي على غرار الوضع الإقتصادي بحيث تراوح متوسط معدل البطالة خلال الفترة 1995-2000 في حدود 28% بشكل يعكس الوضعية الصعبة التي كان عليها النشاط الإقتصادي في الجزائر.
وقد تجلت هذه السياسة المرتكزة على التوسع في النفقات العامة للفترة 2001-2009 في كل من مخطط الإنعاش الإقتصادي 2001-2004 والبرنامج التكميلي لدعم النمو 2005-2009 وذلك كما يلي:
3-1- مخطط الإنعاش الإقتصادي 2001-2004
          أقر هذا المخطط في أفريل من سنة 2001 بحيث بلغت قيمته 525 مليار دج أي ما يعادل 7 مليار دولار، واعتبر آنذاك برنامجا قياسيا وذلك بالنظر إلى احتياطي الصرف المتراكم آنذاك قبل إقراره والذي قدر ب 11,9 مليار دولار 12، وكان يهدف بشكل رئيسي إلى:
- الحد من الفقر وتحسين مستوى المعيشة؛
- خلق مناصب عمل والحد من البطالة؛
- دعم التوازن الجهوي وإعادة تنشيط الفضاءات الريفية.
وترتكز  المخصصات المالية لمخطط دعم الإنعاش الإقتصادي بالأساس على أربعة أوجه رئيسية كما يوضحه الجدول التالي:
الجدول1 : مضمون مخطط دعم الإنعاش الاقتصادي 2001-2004
                                                                                  ( الوحدة: مليار دج)
          السنوات
القطاعات
2001
2002
2003
2004
المجموع
(مبالغ)
المجموع
(نسب)
أشغال كبرى و هياكل قاعدية
100.7
70.2
37.6
2.0
210.5
40.1
تنمية محلية و بشرية
71.8
72.8
53.1
6.5
204.2
38.8
دعم قطاع الفلاحة و الصيد البحري
10.6
20.3
22.5
12.0
65.4
12.4
دعم الإصلاحات
30.0
15.0
/
/
45.0
8.6
المجموع
205.4
185.9
113.9
20.5
525.0
100
المصدر: بوفليح نبيل : آثار برامج التنمية الاقتصادية على الموازنات العامة في الدول النامية، مذكرة ماجستير، جامعة حسيبة بن بوعلي،الشلف، 2005، ص107.
وارتكزت قيمة المخطط بشكل كبير على قطاع البناء والهياكل القاعدية نظرا للظروف الصعبة التي كان يعاني منها الإقتصاد الجزائري قبيل بداية الألفية الجديدة من تدهور في البنى التحتية القاعدية، إضافة إلى أهميتها الكبرى في التأسيس لمحيط ملائم لنهوض وتطور النشاط الإقتصادي الذي كان الهدف الرئيسي من مخطط دعم الإنعاش الإقتصادي،إضافة إلى مجال التنمية المحلية والبشرية نظرا لما يكتسيه هذا الجانب من أهمية كبيرة في تحسين الظروف الإجتماعية وتدعيم سبل التنمية الإقتصادية.
وقد خصصت النسبة الأكبر من قيمة المخطط لسنتي 2001 و 2002 بما يقدر بـ 205,4 مليار دج و 185,9 مليار دج على التوالي، وذلك في إطار سعي الدولة إلى استغلال الإنفراج المالي ومن ثم تسريع وتيرة الإنفاق بما يسمح بتحقيق قفزة كبيرة في تطور النشاط الإقتصادي 13.
3-2- البرنامج التكميلي لدعم النمو 2005-2009
جاء هذا البرنامج في إطار السعي نحو مواصلة سياسة التوسع في الإنفاق التي شرع في تطبيقها بداية سنة 2001، خصوصا مع استمرار تحسن الوضعية المالية الناتجة عن تراكم احتياطي الصرف الذي سببته أسعار النفط المرتفعة منذ بداية الألفية الثالثة.
واعتبر هذا البرنامج خطوة غير مسبوقة في التاريخ الإقتصادي الجزائري وذلك من حيث قيمته المرتفعة، والتي بلغت ما يقارب 4203 مليار دج أي ما يعادل 55 مليار دولار ، وقد كان يهدف بالأساس إلى 14:
- تحسين المستوى المعيشي للأفراد سواء من خلال تحسين الجانب الصحي،التعليمي والأمني ؛
- تحديث وتوسيع الخدمات العامة نظرا لأهميتها في تطوير كلا من الجانبين الإقتصادي والإجتماعي؛
- تطوير الموارد البشرية والبنى التحتية باعتبارهما من أهم العوامل المساهمة في دعم عملية النمو الإقتصادي؛
- رفع معدلات النمو الإقتصادي والذي يعتبر الهدف الرئيسي والنهائي لهذا البرنامج والذي يسعى لتحقيقه                    انطلاقا من تحقق الأهداف الوسيطة السابقة الذكر.



وقد تركزت المخصصات المالية لهذا البرنامج في خمسة محاور رئيسية تتمثل فيما يلي:
   الجدول2 : مضمون البرنامج التكميلي لدعم النمو 2005-2009.
                                                                            (الوحدة: مليار دج)
القطاعات
المبالغ
النسب
تحسين ظروف معيشة السكان
1908.5
45.5
تطوير المنشآت الأساسية
1703.1
40.5
دعم التنمية الاقتصادية
337.2
8
تطوير الخدمة العمومية
203.9
4.8
تطوير تكنولوجيات الاتصال
50
1.1
المجموع
4202.7
100
المصدر: البرنامج التكميلي لدعم النمو، بوابة الوزير الأول، ص2 .
وارتكزت المخصصات المالية لهذا البرنامج على محورين رئيسيين، الأول تعلق بتحسين مستوى معيشة السكان من خلال توفير السكن وتجهيز مدارس ومطاعم مدرسية إضافية، وكذا تأهيل المرافق الصحية،الرياضية والثقافية، أما المحور الثاني فتعلق بتطوير المنشآت الأساسية والقاعدية تماشيا مع ما قد تم الشروع فيه من قبل في إطار مخطط الإنعاش الإقتصادي، وذلك في إطار تحديث وتطوير البنى التحتية التي كانت تشهد فيها الجزائر تراجعا حادا نظرا للظروف الأمنية الصعبة التي عاشتها في العشرية الأخيرة من التسعينيات،خصوصا وأنها تمثل دعما وحافزا قويا للإستثمار والتنمية الإقتصادية.
3-3- تطور معدلات البطالة خلال الفترة 2001-2009
شكلت برامج الإنفاق العام خلال الفترة 2001-2009 دعما معتبرا للنشاط الإقتصادي مقارنة بالفترة السابقة لها، التي تميزت بالخصوص بانخفاض في حجم النفقات العامة نتيجة توصيات صندوق النقد الدولي الذي كان يهدف إلى الحد من عجز الميزانية المتزايد عن طريق اتباع سياسة مالية مقيدة مما انعكس سلبا على النشاط الإقتصادي.
3-3-1- أثر مخطط الإنعاش الإقتصادي على معدلات البطالة 2001-2004
       شهدت معدلات البطالة خلال الفترة 2001-2004 قفزة كبيرة قدرت في حدود 10% ما بين سنة 2001 و 2004 نتيجة استفادة أهم القطاعات الإقتصادية من هذا المخطط فيما يخص تطور حجم العمالة ولو بشكل نسبي،وذلك كما يوضحه الجدول التالي:
      الجدول 3 : تطور حجم العمالة و معدلات البطالة في الجزائر 2001-2004
                                                              ( الوحدة: ألف عامل)
                                          السنوات
المؤشرات
2001
2002
2003
2004
حجم العمالة النشطة
9075
9305
9540
9780
حجم العمالة المشغلة
5199
5462
5741
5976
   الفلاحة
1328
1438
1565
1617
   الصناعة
503
504
510
523
   بناء و أشغال عمومية
803
860
907
977
   إدارة
1456
1503
1490
1510
   نقل ، مواصلات و تجارة
1109
1157
1269
1349
  أعمال منزلية،خدمة وطنية و قطاعات أخرى
1398
1455
1537
2070
معدل البطالة
27.3%
25.7%
23.7%
17.7%
           Source : : banque d’Algérie : rapport annuel de la banque d’Algérie 2008, p180                         
       ( www.bankofalgeria.dz/rapport.htm ).             
ويتوضح من خلال الجدول السابق الأثر الإيجابي لمخطط الإنعاش الإقتصادي على أغلبية القطاعات، حيث شهد القطاع الفلاحي تطورات ملحوظة بحيث كان أكبر قطاع مساهم في الحد من معدلات البطالة للفترة 2001-2004 نتيجة بلوغ متوسط معدل نمو حجم العمالة 8%، أما قطاع الخدمات فقد ساهم بدوره في زيادة حجم العمالة بما يقدر بـ3,1% كمتوسط معدل نمو سنوي مستفيدا في ذلك من تطور قطاع النقل نتيجة تطور البنى التحتية من طرق و سكك حديدية، إضافة إلى تطور قطاع التجارة نتيجة تحسن مستوى معيشة السكان وزيادة الطلب، أما قطاع البناء والأشغال العمومية فقد استفاد من هذا المخطط نظرا للمخصصات المالية التي وجهت له وذلك بمتوسط معدل نمو سنوي في حجم العمالة قدر بـ 5,1%، في حين شكل القطاع الصناعي الإستثناء بضعف تطور حجم العمالة فيه نظرا لضعف الأداء وعدم القدرة على المنافسة خصوصا مع التراجع المسجل في عدد الوحدات الصناعية خلال فترة التسعينات.
ومقارنة مع ما تم تسجيله من مخصصات مالية في إطار مخطط الإنعاش الإقتصادي من جهة ومع ما تم تسجيله من تزايد في قيمة الواردات خلال الفترة 2001-2004 فإنه يمكن القول أنه كان من الممكن تحقيق معدلات بطالة أدنى مما قد تم تحقيقها لو تميز الجهاز الإنتاجي في الإقتصاد الجزائري بنوع من المرونة والحركية في الأداء تزامنا مع الزيادة المسجلة في الطلب الكلي نتيجة هذا المخطط، حيث أن الزيادة في حجم العمالة لا تعكس حقيقة الزيادة الكبيرة في الطلب الكلي التي ولدها مخطط الإنعاش الإقتصادي، وذلك يرجع بالأساس إلى أن نسبة معتبرة من الزيادة في الطلب الكلي الناتجة عن مخطط الإنعاش الإقتصادي قد تم تلبيتها عن طريق الطلب الخارجي بدل الطلب المحلي، حيث تزايدت قيمة الواردات من 9 مليار دولار سنة 2001 إلى 17 مليار دولار سنة 2004 15، وهو ما يعني ضياع آلاف فرص العمل التي كان من الممكن الإستفادة منها لو تمت تلبية هذه الزيادة في الطلب عن طريق الجهاز الإنتاجي المحلي بدل الجهاز الإنتاجي الخارجي.     
3-3-2- أثر البرنامج التكميلي لدعم النمو على معدلات البطالة 2005-2009
سار البرنامج التكميلي لدعم النمو على نفس وتيرة مخطط الإنعاش الإقتصادي من حيث التأثير إيجابا على حجم العمالة ولو بشكل نسبي، حيث يوضح الجدول التالي تأثيراته على تغيرات حجم العمالة في أهم القطاعات ومعدل البطالة خلال الفترة 2005-2009 كما يلي:






              الجدول4 : تطور حجم العمالة و معدلات البطالة في الجزائر 2005-2009
                                                                     ( الوحدة: ألف عامل)
السنوات
المؤشرات
2005
2006
2007
2008       2009
حجم العمالة النشطة
10027
10267
10514
10801        10544
حجم العمالة المشغلة
6222
6517
6771
7002       9472
    الفلاحة
1683
1780
1842
1841       1242
    الصناعة
523
525
522
530           /
    بناء و أشغال عمومية
1050
1160
1261
1371       1718
    إدارة
1527
1542
1557
1572           /
    نقل،مواصلات و تجارة
1439
1510
1589
1688         5318
أعمال منزلية و أخرى
2275
2485
2498
2579             /
معدل البطالة  
15.3%
12.3%
11.8%
11.3%        10.2%
                   Source : banque d’Algérie, rapport annuel  2009 : op-cit, p165.                       
وجاء تأثير البرنامج التكميلي لدعم النمو على معدلات حجم العمالة في القطاعات الإقتصادية مشابها لتأثير مخطط الإنعاش الإقتصادي، بحيث ساهم في تزايد حجم العمالة لكل من قطاعات: الفلاحة،الخدمات والبناء والأشغال العمومية، في حين أن القطاع الصناعي وكما سبق الإشارة إليه في مخطط الإنعاش الإقتصادي فلم يشهد حجم العمالة فيه تطورات ملحوظة وذلك نظرا لما يعانيه هذا القطاع من اختلالات هيكلية تستدعي إعادة النظر في الإستراتيجية الصناعية التي يسير وفقها.
ونظرا للقيمة المالية التي خص بها البرنامج التكميلي لدعم النمو فإن ما حقق من تزايد في حجم العمالة لا يعبر حقيقة عن التأثير الحقيقي المفروض أن ينتج عن هذا البرنامج، خصوصا إذا ما لاحظنا أن الفترة 2005-2009 شهدت تزايدا في حجم الواردات من 19 مليار دولار سنة 2005 إلى 39 مليار دولار سنة 2009 16، وهو ما يعني أنه وعلى غرار مخطط الإنعاش الإقتصادي فإن نسبة كبيرة من الزيادة في الطلب الكلي الناتجة عن البرنامج التكميلي لدعم النمو قد تم تلبيتها عن طريق الطلب على الواردات وهو ما يعني ضياع آلاف فرص عمل نتيجة عدم تحقق استجابة للجهاز الإنتاجي المحلي للزيادة في الطلب الكلي.
خاتمة:
إن فعالية سياسة الإنفاق العام التوسعية في الحد من معدلات البطالة تظهر جليا في الحالة التي يتميز فيها الجهاز الإنتاجي المحلي بالمرونة والكفاءة في الأداء، بشكل يمكن من تحقيق الإستجابة الكافية في العرض للزيادة في الطلب الكلي بحيث يعود ذلك بالإيجاب على حجم العمالة ومعدلات النمو الإقتصادي.
وقد كان للسياسة التوسعية في النفقات العامة التي انتهجتها الجزائر بداية سنة 2001 نتائج إيجابية على حجم العمالة مقارنة بالفترة السابقة لها والتي تراوحت فيها معدلات البطالة في حدود 28% بحيث انخفضت إلى حدود 10,2% سنة 2009، ولكن بالنظر إلى حجم المبالغ المالية التي تم صرفها في إطار كل من مخطط الإنعاش الإقتصادي والبرنامج التكميلي لدعم النمو، وكذا توافر الإقتصاد الجزائري على موارد بشرية كبيرة عاطلة عن العمل، فإنه يمكن القول أن ما تحقق من تزايد في حجم العمالة نتيجة البرامج السابقة كان متواضعا خصوصا إذا ما أشرنا إلى أن نسبة كبيرة من الزيادة في الطلب الكلي قد تم تلبيتها على طريق القطاع الخارجي، بحيث تزايد حجم الواردات من 9 مليار دولار سنة 2001 إلى 39 مليار دولار سنة 2009، وهو ما يعني أن نسبة كبيرة من الزيادة في حجم العمالة التي كان من المفروض أن تتحقق نتيجة كل من مخطط الإنعاش الإقتصادي والبرنامج التكميلي لدعم النمو قد ضاعت بسبب عجز الجهاز الإنتاجي المحلي عن تلبية الزيادة في الطلب التي ولدتها برامج الإنفاق العام.
وعلى هذا الأساس فإنه من الواضح أن مشكلة الإقتصاد الجزائري بالأساس هي مشكلة عرض قبل أن تكون مشكلة طلب، حيث أنه لا يمكن تحقيق فعالية لسياسة انفاق عام توسعية بدون وجود جهاز انتاجي قادر على الإستجابة لتلك الزيادة في الطلب، وهو ما يؤكد على فشل سياسات جانب الطلب في الإقتصاد الجزائري على تطوير معدلات النمو الإقتصادي والعمالة، وعليه فإن صناع قرار السياسة الإقتصادية في الجزائر مطالبون بضرورة العمل على تطوير الجهاز الإنتاجي عن طريق وضع سياسات اقتصادية موجهة لجانب العرض بدل جانب الطلب بشكل يسمح بخلق جهاز انتاجي مرن وكفء وهو ما من شأنه أن يعود بالإيجاب على حجم العمالة ومعدلات النمو الإقتصادي.



الهوامش والإحالات:
 _1حمدي عبد العظيم: السياسات المالية والنقدية،الدار الجامعية،مصر، 2007،ص202.
 _2المرجع السابق، ص ص 199,200.
 _3أحمد زهير، خالد الخطيب: المالية العامة، دار زiران للنشر والتوزيع، الأردن، 1997، ص ص 40،41.
 _4فلح حسين خلف: المالية العامة،الطبعة الأولي، عالم الكتاب الحديث، الأردن،2008،ص 89.
 5_ François escalle : maitriser  les finances pupliques,pourqoui,comment ? edition economica .2005,p205.
6_ International monetary fund : a manual on government finance statistics ,1990,PP 177,182
 _7فلح حسين خلف: مرجع سبق ذكره،ص 111.
 _8سوزي عدلي ناشد: المالية العامة،الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية،لبنان، ص ص 51،55.
 _9ضياء مجيد الموسوي: النظرية الإقتصادية الكلية،الطبعة الثالثة،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2005،338.
10_ Gregory mankiw, Mark taylor : economics, thomson learning edition ,England ,2006.p 72
11_ Ethan elzetzki and others : how big are fiscal multipliers ? centre for economic policy research,policy insight,n°39,2009,P3,( http://www.cepr.org/pubs/PolicyInsights/PolicyInsight39.pdf ).
12_ World bank : a puplic expenditure review, report n° 36270,vol 1,2007,P4.( http://siteresources.worldbank.org/INTALGERIA/Resources/ALGERIAPER_ENG_Volume_I.pdf) .
 _13بناءا على بيانات الجدول 1.
14_ World bank : op-cit, p2.
15_ Banque d’Algerie,rapport annuel, 2005,p190.

 16_ Banque d’Algerie,rapport annuel,2009 ,p 176 . 
google-playkhamsatmostaqltradent