ملاحظات أوّليّة، "باك" 2021
- تواصل "تجاهل" الوزارة الوصيّة لنتائج المتـرشّحين الأحرار، فهي، عوض تشجيعهم، تصرّ على تجاهلهم تماما، مثلهم مثل المساجين و ذوي المهارات الخاصّة (و هذا ما يوحي به إعلان الوزير للنتائج).
- "مهزلة" الـ 9,5 (للسنة الثانية على التوالي): في المنطق البيداغوجي، تعتبر الــ 10 من 20 المعدّل الأدنى المطلوب، بيداغوجيا، لتفادي "إعادة الامتحان" و ضمان "المرور" و ليس "النجاح"، و هو معدّل معمول به "عالميا" و يعتبر من مؤشرات "قبول" الشّهادة دوليّا. (التعادل لا يعني النّجاح) فما بالك بـ 9,5 (هذا، في منطق الرياضة يعتبر "تحايلا" على قواعد اللعبة), و يمكننا للمناسبة التساؤل: هل أتخذ قرار "خفض" معدّل القبول قبل أم بعد اطلاع الوزارة على "النتائج الأوّليّة" للامتحان، و هل كان محلّ تشاور مع "الشّركاء" و رضى "رئيس الجمهورية" ؟ لم يصدر أي تفسير بخصوص الأمر.
بالنسبة للنسب المعلن عنها:
- العلوم التجريبية : 60 بالمائة.
- الرياضيات: 84.10 بالمائة .
- تقني رياضي: 67.3 بالمائة .
- تسيير واقتصاد: 51.10 بالمائة.
- اللغات الأجنبية: 74.7 بالمائة.
- أداب وفلسفة : 58.2 بالمائة.
نسب "النجاح" هذه، و حسب الشُعب، تعطينا نسبة عامّة بـ 65,9 و ليس 61,17 (كما أعلنت عنه الوزارة)، و هذا يعني غياب أرقام أخرى "مؤثرة" (كنسبة الأحرار، مثلا). و لم تجد الوزارة داعيا للإفصاح عنها. مما يفتح الباب على مصراعيه لتأويل هذا التعامل مع الأرقام و "يعمّق" مشاعر الريبة" منها. و بالمقابل، تؤكد توقّعات نقابة "الكلا" (55,18)، بإضافة نسبة (5,8) الخاصّة بنسبة معدّل 9,5.
ما يحتاج إليه المتابع لـمسار المنظومة التربوية (أي المشاريع و المناهج و البرامج و الأهداف)، هو قراءات و تحليلات "النتائج" (بغضّ النظر عن "ملابساتها")
ما يحتاج إليه "المتخصّص" في الشأن التربوي و التعليمي هو مواجهة هذه القراءات و التحليلات لأهداف و غايات و وسائل و أدوات "المنظومة ذاتها". و بالتالي الوقوف، علميا، على "الاختلالات" الحقيقية (مثل تكرار الترتيب الولائي منذ 2009. حيث المراتب الأخيرة من نصيب أبناء الجنوب. دون أن يثـير ذلك قلقا واضحا و لا اهتماما فعليا للوزارة الوصيّة.
- طغيان نسب شُعب "الرياضيات و العلوم التجريبية" على قوائم "الناجحين" بما يؤكّد "التوجه" الفعلي للمنظومة (المناهج، الأهداف) نحو "مجتمع علمي". لكن الواقع العملي يثبت أن المجتمع ككيان عامّ، لا يفيد من "جيوش العلميّين" التي تتخرج من ثكنات هذه المنظومة بل مجتمعات أجنبية (هجرة الأدمغة) بينما تتحكم جيوش مجتمع "اللغات و الآداب" بمقاليد السلطة. (يكفي أن نلقي نظرة خاطفة على مستوى و طبيعة "التأهيل العلمي" للمجتمع "السياسي").
و هذا ما لم يحدث علنا (و لم يجلب حتى انتباه "المتخصصين" و المتابعين للمفارقات الصارخة لهذه المنظومة "الكارثية" ) التي تشكل خطرا كبيرا على "قيم الإنسان و المعرفة" على حدّ سواء.
يتوهّم بعض أنصار و مهووسيّ "الفكر العلمي" (و يوهمون غيرهم) أنه بفرضهم منهجا تربويا منحازا للعقل (و بمعايير غير واضحة)، سيمكنون المجتمع من "التحوّل العلمي" (و يقصدون التقني)، لكن المجتمع التقني ليس بالضرورة، و لا حصرا، هو المجتمع "العقلاني". ثمّ كيف "للعقل التقني" أن يتحقق في غياب "العلوم الإنسانية" و على راسها "علوم اللغة و آدابها" ؟
هذا "الفكر المشوّه" (و المشوّه) لطبيعة العملية التربوية هو المشكلة الحقيقية للمنظومة (بغض النظر عن الدوافع الأيديولوجية "المحتقرة لعلوم الإنسان" و التي تبرره). إنهم يتجنبون بكل خبث السؤال الجوهري: ماذا سيتسفيد المجتمع من "عقل تقني" لا قيم له ؟